فتحت المكالمة سمعت صوتي اللي بيكلمني

أنا.
إزاي
الرقم اللي كان بيتصل عليك في الأول اتصل عليه. هتلاقيه محفوظ في ال Recents.
طيب وبعدين
لما أرد هتقوللي ما ترجعش ورا. لازم تسمعها مني. ولازم أسمعها منك. وإلا الدايرة هتتسحب مننا من ناحية تانية.
يعني أنا اللي كنت بكلم نفسي
آه. بس الفرق إنك دلوقتي فاهم ومش بترجع.
فتحت سجل المكالمات. الرقم الغريب موجود. إيدي كانت بترتعش بس ضغطت عليه. إسبيكر. رنة اتنين تلاتة
ألو
صوتي. أنا بس بتاع أول المكالمة صوتي وأنا لسه بفتح الباب وحاطة الشنطة على الأرض.
ألو مين
أنا إنت. ضحكت بسخرية خفيفة من المصطلح اللي كنت شايفه سخافة من ساعة اسمعني كويس.
بطل هزار بقى إنت مين
أنا كريم وإنت دلوقتي واقف عند الباب بتفك رباط الكوتشي وبتحاول بإيدك اليمين الأول.
الصمت اللي جه بعد الجملة دي كان طويل ملفوف بمفارقة. أنا بقيت اللي عارف. بقيت اللي بيحط أول حجر في الطريق.
ما تقفلش. لو سمحت ما تقفلش. أنا محتاجك واتلعثمت فجأة لأن الإحساس داس على صدري محتاجك ماتقربش من البلكونة. بعد ١٥ ثانية هيعدي غراب لو فتحت هتبص له وهتبدأ حاجة مش هتعرف توقفها.
يا عم بطل
واحد.
عديت الثواني جوايا وسكت.
تمام. اسمعني بقى
وابتديت أعيد نفس الكلمات اللي اتقالت لي بنفس الترتيب لكن من غير رعشة. وأنا بتكلم حسيت إني مش بس بكسر الدايرة لأ أنا بحط قفلة جديدة للباب اللي كان مفتوح دايما على اللو كان.
لما خلصت وقلتله على الحمام والورقة وكلاكس العربية وقفت لحظة قبل ما أقفل وقلت الجملة اللي كانت ناقصة
وعلى فكرة لو سمعت صوت أبوك أو أمك أو أي حد بتحبه بيقولك افتح ما ترجعش ورا.
قفلنا. حسيت إن في حاجة تقيلة اترفعت من قلبي. قعدت على الكنبة وشغلت نور الأباجورة. البيت كان ساكت سكون عادي من غير حمولة. كأن حد رجع كل حاجة مكانها.
بس الدنيا عمرها ما بتسيبك تمشي على خط مستقيم من أول مرة.
دوبك خمس دقايق وانا بحاول أكتب على ورقة نفس العبارة ما ترجعش ورا عشان أحطها في درج الترابيزة وساعتها الموبايل رن تاني. رقم ثالث مختلف.
ألو
مساء الخير يا أستاذ كريم. صوت ست مهذب معاكي ناهد من شركة الاتصالات. حبيت بس أبلغ حضرتك إن في تحديث مهم للخط ومحتاجين منك كود هنبعته دلوقتي برسالة
لأ شكرا.
ثواني بس
لأ. قفلت
ابتسمت. الموبايل رن تاني. الرقم الأول.
ألو
كريم أنت عملت الصح. بس ماتنساش الأشياء اللي بترجعك ورا مش كلها أصوات على هيئة ناس بتحبها. ساعات بتبقى فرصة. عرض جديد. باب سهل. كلمة حلوة.
عارف.
حط الورقة في الدرج. وكل ما تحس إنك هتقع إقراها.
ما ترجعش ورا.
ما ترجعش ورا.
سكت شوية وبعدين سألته
هو احنا كده خرجنا من الليلة
الليلة دي آه. بس الفكرة مش ليلة واحدة. الفكرة إنك تقرر كل مرة.
طب وإنت هتفضل هنا
أنا هافضل صوت جواك. مش تليفون. ومش باب. ومش غراب. بس لو احتجتني جرب تتصل.
ضحكت.
طب لو ما ردتش
يبقى أنت اللي تكلم نفسك بدالي.
قفل.
الساعة بقت تسعة ونص. فجأة أحسست إني جعان. دخلت المطبخ سخنت بواقي مكرونة من امبارح. وأنا باكل لقيت نفسي بضحك على قد إيه كل حاجة كانت قريبة إنها تفلت مني. فتحت البلكونة. بصيت على الشارع. مافيش غربان. ولا عربيات ژبالة. فيه شوية شباب بيضحكوا. فيه ست شايلة شنطة خضار. فيه نور عمارة قصادنا بيفتح ويقفل. حياة
عادية جميلة.
رجعت أقفل وإيدي على كالون البلكونة افتكرت حاجة. ابتسمت وبصوت واطي قلتها لنفسي
ما ترجعش ورا.
وبس.