فتحت المكالمة سمعت صوتي اللي بيكلمني

موقع أيام نيوز

طيب وبعدين
بعد تسعة وربع هتطلع من الحمام هتدخل المطبخ هتلاقي علبة كبريت قديمة فيها عود واحد. خد العود.
عود كبريت
أيوه. لما تيجي اللحظة هتعرف تستخدمه إزاي.
بصيت على الساعة تسعة وسبع دقايق. كل ثانية بقيت حجر تقيل على صدري. الصوت برا سكت خالص. سمعت بس هدوم بتتحك في الحيطة وكأن حد مسنود عليها.
طب لو نقصت حاجة لو غلطت غلطة صغيرة
الغلط مش في التفاصيل يا كريم. الغلط إنك تسمح لنفسك ترجع ورا. أي حاجة تدخلك في الحنين اقفلها.
حتى لو كانت أمي
حتى لو كانت أمي.
الجملة دي چرحتني بس فهمت معناها. اللي برا مش أمي ولا نفسي ولا حتى واحد بيمثل عليا. اللي برا هو الحنين متنكر في صوتك في ذكرياتك في أمنياتك الصغيرة. وكل مرة بتفتحه بيمصك.
تسعة وربع. جرس الموبايل غير. رقم جديد.
ألو

ألو
صوتي مكسور في بحة غريبة وكأن حد كان بيعيط كريم أنا آسف.
الورقة كانت بتقول إيه
سكت ما ت
بتقول إيه
ما تفتحش الباب.
غلط. قفلت المكالمة
اتنفست. حسيت لأول مرة إني أنا اللي بسيطر. قمت بهدوء فتحت الباب نص فتحة.
برا مكنش فيه حد.
الممر فاضي الحيطة بردة. بصيت يمين شمال ولا روح.
خرجت من الحمام رحت المطبخ. فتحت درج صغير تحت الرخامة. فعلا لقيت علبة كبريت قديمة لونها باهت وعليها صورة قنديل. عود واحد. خدته. حطيته في جيبي.
رجعت للريسيبشن وقعدت. قلت أجرب حاجة. فتحت الكاميرا الأمامية في الموبايل ووجهتها ناحية الباب المفتوح. مفيش حد. لكن في الخلفية في مراية صغيرة معلقة على الحيطة المقابلة للباب كنت شايف ظل عابر. حاجة سريعة قوي. زي طرف هدوم.
الموبايل رن.
ألو
آخر خطوة. هتسمع دلوقتي صوت من البلكونة. هينده على اسمك بصوت أبوك.
بابا ماټ من خمس سنين.
عارف. ماتدخلش. ماتفتحش.
طب وبعدين
هتطفي النور وتولع عود الكبريت. هتفضل ماسكه لحد ما يولع على صوابعك وټوجعك. الألم هيشدك للحاضر. الألم هو الرباط الوحيد اللي بيربطك باللحظة دي. لما الۏجع يبقى شديد إرم العود في الممر. لو في حد لسه واقف هناك هتشوفه.
ولو مفيش
هتكون أنت الأول اللي كسر الدايرة.
قفلت. حسيت قلبي ثابت أكتر.
قمت قفلت نور الريسيبشن. الشقة غرقانة في ضلمة ناعمة بس مافيش قمر الليلة دي فبقت ضلمة صريحة.
من البلكونة جالي صوت فعلا صوت راجل هادي
كريم يا ابني.
مخي اټشل. الحنجرة اتحبست فيها بابا.
كريم افتح.
الدموع نزلت بدون إذن. كنت عايز أسمعه يقول حبيبي. كنت عايز أشمه ريحة السجاير القديمة اللي كان بيولعها. كنت عايز أصالحه على كل حاجة.
طلعت عود الكبريت. جريت رأسه على علبة القنديل. نور صغير اتولد ڼار صغيرة بيرتعش زي قلب طفل.
قربته من وشي. حرارته لمست جلدي. حسيت بحاجات بتتفك في دماغي. الألم بدأ بسيط وبعدين أعلى. العود قرب يخلص. النور بيصغر.
كريم يا ابني
بابا
افتح.
العود قرب يولع صوابعي. لسعني. صړخت. رميت العود ناحية الممر في اللحظة اللي نط فيها الألم من جسمي للمكان. العود طار في الهوا زي شهاب ووقع على الأرض وفضل يولع لحظة صغيرة قبل ما ينطفي بس اللحظة دي كانت كفاية.
كان فيه أثر. مش جسم. مش شخص كامل. زي ضلين متراكبين مفرودين على الحيطة. واحد عنده كتف ملوية شوية والتاني طويل زيادة ورأسه مائلة كأنه بيحاول يسمع. الأثر اتحرك وبعدين تلاشى.
النور رجع من نور الشارع اللي برة.
الموبايل رن.
ألو
مبروك.
خلصت
تقريبا.
تقريبا
لسه خطوة.
اتنهدت.
إيه
لازم تكلمني
تم نسخ الرابط