قصة حورية كاملة

المحتويات
أرض عطشى. حملت بطفلنا الأول وكنا ننتظر اليوم الذي يملأ فيه صوته بيتنا فرحا.
وحين ولد سجد محمود شكرا لله ثم طلب أن يحمل صغيره ضمھ إلى صدره وكأنه
يحاول أن يرى ملامحه بأصابعه.
تكرر المشهد ثلاث مرات أخرى. أنجبنا أربعة أطفال. كان أبا حاضرا مهتما بكل التفاصيل يعرف أصواتهم يميز بكاءهم ويقبل جباههم وهم نيام.
لم أشعر يوما أنه أقل من أي أب بل بالعكس كنت أرى في كل تصرفاته رجولة كاملة.
كنت أخاف من أن يراني ذات يوم عادية أو ليست جميلة خصوصا عندما كان يحكي لي عن ماضيه وكيف كان يحب الفتيات الجميلات قبل الحاډث. لكن مع مرور الوقت اكتشفت أنه لم يعد يرى الجمال كجسد بل كروح.
قال لي مرة وأنا أضع له الطعام
عارفة يا حورية فيه حاجات الواحد ما يكتشفهاش غير لما يخسر بصره الجمال الحقيقي مش بيبان بالعين الجمال الحقيقي بيتحس.
وكانت تلك الجملة كأنها خلعت كل خۏفي من صدري.
رغم كل السعادة كان هناك حلم يطارده أن يعود له بصره.
كان كلما ادخر مالا حجز موعدا مع طبيب جديد وبدأ رحلة أمل جديدة. خضع لعدة عمليات لزراعة القرنية وفي كل مرة كانت تقابل بالفشل. ومع كل فشل كنت أتنفس الصعداء ثم أبكي خجلا من نفسي.
لم أكن أريد له أن يبقى ضريرا ولكن كنت أخشى أن يبصرني.
هل سأعجبه هل سيبقى يحبني كما أحبني دون أن يراني
هل سيقارنني بغيري من الجميلات من حوله
أسئلة كثيرة كانت تؤرقني ليلا وتربكني في النهار.
ومع كل ذلك لم أظهر له خۏفي. بل كنت أدعمه وأمسك بيده وهو ذاهب إلى العمليات وأدع الله أن يمنحه البصر بينما في داخلي كنت أتمزق.
وجاء اليوم الذي تغير فيه كل شيء
بعد عشر سنوات من المحاولات الفاشلة سمعنا عن طبيب متخصص في زراعة القرنية بالخارج ذو سجل حافل بالنجاحات. تشجع محمود وقرر السفر وبذلنا كل ما نملك من مدخراتنا حتى أنني بعت بعض المجوهرات القليلة التي كانت بحوزتي. كان الأمل هذه المرة مختلفا أقوى.
في اليوم الموعود سافرت معه وجلست في المستشفى بين رجاء وخوف. كانت العملية دقيقة استغرقت ساعات طويلة كأنها دهر كامل. وعندما خرج الطبيب قال بابتسامة
العملية نجحت. عليه فقط أن يبقى معصوب العينين عدة أيام وبعدها نزيل الغطاء وننتظر النتيجة النهائية.
عدنا إلى المنزل وأنا أعيش بين دعاء صادق وقلق شديد. صرت أراقب نفسي في المرآة كثيرا أعد التجاعيد أبحث عن ملامح الجمال المدفون أضع قليلا من المساحيق ثم أزيلها سريعا وأقول لنفسي
ما الفائدة هو لم يرني هكذا ولن يقبل بي كما أنا.
وأخيرا جاء اليوم. دخل الطبيب وبدأ في إزالة الغطاء قطعة قطعة. لم
متابعة القراءة