قصة حورية كاملة

المحتويات
الظلام الذي يحيط به. رفع رأسه باتجاهي وكأنه يشعر بوجودي دون أن يراني ثم قال
السلام عليكم أنا محمود.
رددت بصوت منخفض
وعليكم السلام أنا حورية.
ابتسم وقال
أنا مش شايفك بس حاسس إنك قدامي وده كفاية.
لم يكن اللقاء كما توقعت. كان إنسانا بسيطا خفيف الظل يحكي بنكتة خفيفة وروح مرحة ويملك عقلا ناضجا. لم أشعر لوهلة واحدة بالشفقة عليه بل بالعكس شعرت أنني أنا من يحتاج أن ينظر إليها بهذا العمق.
روى لي عن حياته قبل الحاډث عن السهر والسفر واللهو عن الحياة الفارغة التي عاشها وعن الحاډث الذي كان نقطة التحول في عمره. قال لي
أنا فقدت بصري بس كسبت نفسي والحمد لله. يمكن ده كان الطريق الوحيد إني أهدى وأفهم الدنيا.
انتهى اللقاء وعدت إلى البيت وقلبي ينبض بشيء لم أفهمه ربما إعجاب ربما دهشة ربما بداية لحياة جديدة.
لم تمض أيام كثيرة حتى تمت الخطبة. شعرت أنني أعيش حلما غريبا. كانت الخطبة هادئة بلا مظاهر صاخبة لكن مليئة بالود والاحترام. محمود لم يكن يوما أنانيا أو متطلبا. كان يسأل عني يتصل بي ليسأل كيف مر يومي يطلب أن يسمع صوتي حتى يطمئن وكان يشركني في أحلامه ومشاريعه.
لكنني في داخلي كنت خائڤة من شيء لم أجرؤ على البوح به
هل سيعتمد علي في كل شيء هل سأتحول إلى خادمة أو ممرضة
وهل سأحتمل أن أكون زوجة لرجل لا يراني ولا يشعر بجمالي القليل أصلا!
إلا أن الأيام كشفت لي حقيقة
مدهشة لقد تغير محمود كثيرا.
تم الزواج بعد خطبة قصيرة لم تتجاوز الشهرين. لم نقم حفلا كبيرا بل كان الزفاف بسيطا حضره المقربون فقط لكن رغم بساطته كنت أشعر وكأنني أميرة في ليلة عرشها. محمود أمسك بيدي عند الباب وسار معي كأن قدميه تحفظ الطريق وكأن قلبه يرشده إلي.
أول ليلة في بيتنا لم تكن كما كنت أتخيلها ولا كما كانت تحكي النساء. لم تكن لحظة خجل بل لحظة راحة. سهرنا نحكي ونتأمل صوت المطر خلف النافذة وكان يقول لي
أنا مش محتاج أشوفك بعيني قلبي شايفك شايف فيكي الأمان اللي عمري ما شفته.
في الأيام الأولى كنت أراقب كل حركة أقوم بها خائڤة من أن أرتكب خطأ أو أن يشعر بالعجز أو الاحتياج. لكنني كنت أنا المتفاجئة!
محمود كان يعد قهوته وحده يعرف أماكن الأشياء في المطبخ أفضل مني يبدل ملابسه ويقرأ الكتب بلغة برايل بل ويقوم بإصلاح بعض الأعطال البسيطة في البيت.
وذات مرة سألته باستغراب
إزاي بتعمل كل ده
ضحك وقال
عشان ما تحسيش إني حمل عليكي أنا عيني راحت مش إرادتي.
حينها سقطت أول دمعة حب من قلبي له.
مرت الشهور وكبرت علاقتنا مثل شجرة نبتت في
متابعة القراءة